English EN

ذات صلة

جمع

معركة بغداد الكروية: الاتحاد يبحث عن أول انتصار آسيوي أمام صلابة الشرطة العراقي

تتجه أنظار عشاق كرة القدم الآسيوية والعربية مساء اليوم...

سانت خيلويزي ضد نيوكاسل يونايتد: صراع العودة الكبرى في معقل الأبطال

تاريخ كرة القدم الأوروبية يزخر بالصراعات الكلاسيكية، لكن في...

صراع الكبار: تحليل شامل لمواجهة برشلونة وباريس سان جيرمان الأخيرة

لطالما كانت مواجهات العملاق الكاتالوني ونظيره النادي الباريسي إحدى...

الكلاسيكو الآسيوي: الزوراء ضد النصر.. ملحمة كروية متجددة بين العراق والسعودية

تتجاوز مباريات كرة القدم أحيانًا مجرد المنافسة الرياضية لتتحول...

قرار البنك المركزي المصري بشأن سعر الفائدة: دوافع وآثار اقتصادية شاملة

يشكل قرار البنك المركزي المصري بشأن سعر الفائدة أحد أبرز الأحداث الاقتصادية التي تسترعي انتباه جميع الأوساط، من المستثمرين الأجانب والمحليين وصولاً إلى المواطن العادي. كسلطة نقدية عليا في البلاد، يستخدم البنك المركزي هذه الأداة الرئيسية (سعر العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة) للتحكم في السيولة النقدية، ومن ثم التأثير على أهم المتغيرات الاقتصادية مثل التضخم والاستثمار والنمو الاقتصادي.


التطورات الأخيرة في سياسة سعر الفائدة

في الآونة الأخيرة، شهدت قرارات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري تحولاً واضحاً، خاصة مع تراجع معدلات التضخم وتحسن ظروف سوق الصرف الأجنبي. ففي خطوة تعكس نجاح جزئي في احتواء الموجة التضخمية السابقة، قررت اللجنة في اجتماعها الأخير بتاريخ 2 أكتوبر 2025 خفض أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس، ليصل سعر العائد على الإيداع لليلة واحدة إلى 21% وسعر العائد على الإقراض لليلة واحدة إلى 22%. ويعد هذا الخفض هو الرابع من نوعه منذ بداية عام 2025، ما يشير إلى بداية دورة تيسير نقدي تستهدف دعم النشاط الاقتصادي.

دوافع خفض سعر الفائدة: سياسة موجهة للنمو

جاء قرار الخفض مدفوعاً بعدة عوامل رئيسية، في مقدمتها تراجع المعدل السنوي للتضخم في الحضر إلى مستويات تتيح مساحة للمركزي للتحرك نحو دعم النمو. كان التضخم قد انخفض على أساس سنوي، مما يعزز من توقعات البنك باستمراره في المسار النزولي نحو مستهدفاته المعلنة. كما أن تحسن صافي الاحتياطيات الدولية واستقرار سوق النقد الأجنبي، مدعوماً بتدفقات نقد أجنبي كبيرة نتيجة صفقات استثمارية، وفّر بيئة مواتية لهذا التيسير النقدي.

يهدف البنك المركزي من خلال خفض الفائدة إلى تحفيز الاستثمار وتقليل تكلفة الاقتراض على الشركات، وبالتالي تشجيع التوسع في الأنشطة الإنتاجية والتجارية، وهو ما يصب في مصلحة زيادة معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي. كما أن تخفيض تكلفة التمويل الحكومي يعد هدفاً آخر من شأنه المساهمة في خفض عجز الموازنة.


تأثير سعر الفائدة على التضخم والاستثمار

تُعد العلاقة بين سعر الفائدة والتضخم علاقة معقدة لكنها محورية في الأدوات الاقتصادية. فتقليدياً، يُستخدم رفع سعر الفائدة لكبح جماح التضخم عبر تقليل الطلب الكلي وتشجيع الادخار بدلاً من الاستهلاك. أما في حالة خفض سعر الفائدة، فإن ذلك يأتي مع تراجع التضخم كدليل على نجاح السياسات السابقة، ويهدف إلى دعم النشاط الاقتصادي.

على صعيد الاستثمار، فإن خفض أسعار الفائدة له تأثير إيجابي مباشر. فكلما انخفضت تكلفة الاقتراض، زادت جاذبية الاستثمار للقطاع الخاص، حيث تصبح المشاريع الإنتاجية أكثر ربحية مقارنة بالعائد على الودائع البنكية. هذا التحول يدعم قطاعات حيوية مثل الصناعات التحويلية والتطوير العقاري، ويساعد في خلق المزيد من فرص العمل وزيادة معدلات التوظيف. يتوقع الخبراء أن هذا الخفض التدريجي سيعزز أداء البورصة المصرية وينعكس إيجاباً على سعر الذهب، حيث يفضل بعض المدخرين التوجه إليه كملاذ آمن بديلاً عن الشهادات البنكية ذات العائد المنخفض.


نظرة مستقبلية وتوقعات السياسة النقدية

يتطلع المستثمرون والأسواق بلهفة إلى الاجتماعات المقبلة للجنة السياسة النقدية لتقييم مدى استمرارية دورة التيسير النقدي. في ضوء التوقعات باستمرار تراجع التضخم نحو مستهدفات البنك المركزي البالغة 7% (± 2 نقطة مئوية) في الربع الرابع من عام 2026، والبالغة 5% (± 2 نقطة مئوية) في الربع الرابع من عام 2028، فمن المرجح أن يواصل البنك المركزي سياسة الخفض التدريجي لأسعار الفائدة.

مع ذلك، يبقى الأمر مرهوناً بعدة عوامل محلية وعالمية، منها استمرار استقرار سعر صرف الجنيه المصري، وتطورات الأسعار العالمية للسلع والطاقة، وأي تحركات غير متوقعة في التضخم قد تضطر البنك المركزي إلى إعادة النظر في وتيرة خفض الفائدة. لكن الاتجاه العام يشير إلى رغبة قوية في استخدام الأدوات النقدية المتاحة لدعم النشاط الاقتصادي وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية عالمياً من خلال تقليل تكلفة الإنتاج. قرار البنك المركزي بخفض الفائدة هو خطوة استراتيجية متعددة الأبعاد، تسعى لتحقيق التوازن الدقيق بين السيطرة على الأسعار وتحفيز قاطرة النمو المستدام في الاقتصاد المصري.