English EN

ذات صلة

جمع

معركة بغداد الكروية: الاتحاد يبحث عن أول انتصار آسيوي أمام صلابة الشرطة العراقي

تتجه أنظار عشاق كرة القدم الآسيوية والعربية مساء اليوم...

سانت خيلويزي ضد نيوكاسل يونايتد: صراع العودة الكبرى في معقل الأبطال

تاريخ كرة القدم الأوروبية يزخر بالصراعات الكلاسيكية، لكن في...

صراع الكبار: تحليل شامل لمواجهة برشلونة وباريس سان جيرمان الأخيرة

لطالما كانت مواجهات العملاق الكاتالوني ونظيره النادي الباريسي إحدى...

الكلاسيكو الآسيوي: الزوراء ضد النصر.. ملحمة كروية متجددة بين العراق والسعودية

تتجاوز مباريات كرة القدم أحيانًا مجرد المنافسة الرياضية لتتحول...

أزمة الشلل الحكومي في واشنطن: الجمود السياسي يُنذر باستمرار الإغلاق لثلاثة أيام على الأقل

دخلت الولايات المتحدة الأمريكية مرحلة جديدة من الاضطراب السياسي والاقتصادي مع الإغلاق الحكومي الذي بدأ رسميًا بعد فشل الكونغرس في التوصل إلى اتفاق حول مشروع قانون التمويل للسنة المالية الجديدة. هذا الجمود، الذي أصبح سمة متكررة للصراع الحزبي في واشنطن، يُعد بمثابة تهديد مباشر لاستمرارية الخدمات الفيدرالية الأساسية ويُلقي بظلاله على مئات الآلاف من الموظفين وعائلاتهم. تشير التقديرات الحالية والتحليلات السياسية إلى أن هذا الشلل الحكومي مرشح للاستمرار لثلاثة أيام على الأقل، وربما لفترة أطول بكثير، مما يعمق الأزمة ويزيد من حالة عدم اليقين على الساحة المحلية والعالمية. الإغلاق، الذي يُعد الأول منذ سنوات، يؤكد على عمق الانقسامات الهيكلية بين الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب. أزمة الشلل الحكومي في واشنطن


جذور الأزمة: صراع الميزانية والخلافات الجوهرية

تكمن الأزمة الحالية في فشل المشرعين في مجلسي النواب والشيوخ في الاتفاق على حزمة إنفاق شاملة قبل الموعد النهائي لبدء السنة المالية الجديدة. هذا الفشل ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج صراع سياسي طويل الأمد حول أولويات الإنفاق وحجم الدين الفيدرالي. النقاط الخلافية الجوهرية تتمحور حول مطالب الجمهوريين، وخاصة الجناح الأكثر تشدداً، بتخفيضات حادة في برامج الإنفاق الاجتماعي والتعليم والرعاية الصحية، في مقابل زيادة في الإنفاق الدفاعي والأمني وموارد مكافحة الهجرة والجمارك. على الجانب الآخر، يتمسك الديمقراطيون بضرورة حماية برامج الدعم الاجتماعي التي يعتبرونها شبكة الأمان الأساسية للمواطنين، ويرفضون بشدة التخفيضات المقترحة.

في ظل هذا المشهد، يُستخدم الإغلاق الحكومي كأداة ضغط سياسية “لعب عض الأصابع”، حيث يسعى كل طرف إلى إلقاء اللوم على الآخر لتحقيق مكاسب سياسية قبيل الانتخابات القادمة. وتبرز في هذا الإطار تصريحات الرئيس ترامب الذي هدد باتخاذ إجراءات “لا رجعة فيها”، بما في ذلك إمكانية الفصل الدائم للموظفين غير الأساسيين بدلاً من منحهم إجازات مؤقتة غير مدفوعة الأجر، مما يزيد من حدة التوتر ويقلل من فرص التوصل إلى حل سريع وودي.


تأثير مباشر: حياة الموظفين والخدمات المعطلة

النتائج المباشرة لهذا الجمود لا تقتصر على قاعات الكونغرس، بل تضرب في صميم الحياة اليومية لملايين الأمريكيين. يُجبر مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين غير الأساسيين على إجازات قسرية غير مدفوعة الأجر، في حين يستمر الموظفون الأساسيون (مثل موظفي الأمن، الجيش، ومراقبي الحركة الجوية) في العمل دون تلقي رواتب منتظمة. ورغم أن القانون ينص على دفع المتأخرات بعد انتهاء الإغلاق، فإن التوقف المؤقت للدخل يضع عبئاً مالياً هائلاً على الأسر، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة. أزمة الشلل الحكومي في واشنطن

تتأثر خدمات حيوية أخرى بشكل مباشر وغير مباشر:

  1. الخدمات السياحية والترفيهية: تُغلق المتنزهات الوطنية والمتاحف الفيدرالية التابعة لمؤسسة سميثسونيان، مما يحرم المواطنين من الوصول إلى المعالم العامة ويؤثر على الاقتصادات المحلية التي تعتمد على السياحة.
  2. الرعاية الصحية والدعم الاجتماعي: تستمر مدفوعات الضمان الاجتماعي ومزايا الرعاية الصحية (Medicare/Medicaid)، لكن الخدمات الإدارية مثل معالجة طلبات الاستحقاق أو إصدار البطاقات الجديدة قد تشهد تأخيراً كبيراً. كما تتعطل برامج التغذية التكميلية الهامة للنساء والرضع والأطفال (WIC)، مما يعرض الأسر الأكثر ضعفاً للخطر.
  3. الأمن والنقل: تستمر عمليات إدارة أمن النقل في المطارات، لكن عدم دفع الرواتب قد يؤدي إلى تغيّب الموظفين، مما يتسبب في تأخيرات محتملة في حركة الطيران. كما تتأثر عمليات تفتيش سلامة الأغذية.

العواقب الاقتصادية: ضربة للبيانات والثقة

للإغلاق الحكومي تكاليف اقتصادية مباشرة وغير مباشرة. تشير تقديرات المحللين الاقتصاديين إلى أن كل أسبوع من الإغلاق قد يقلص من النمو الفصلي للناتج المحلي الإجمالي، حيث تُفقد إنتاجية الموظفين المُجازين. ورغم أن الأسواق المالية أظهرت في الإغلاقات السابقة مرونة نسبية، فإن الأزمة الحالية تأتي في وقت يتسم بضغوط تضخمية وتحديات ديموغرافية، مما يجعل تأثيرها المحتمل أشد خطورة.

أحد أخطر التداعيات على الاقتصاد الأمريكي هو تعليق نشر البيانات الاقتصادية الحيوية من قبل هيئات مثل مكتب إحصاءات العمل ومكتب الإحصاء. فإغلاق الحكومة يحرم البنك الاحتياطي الفيدرالي من معلومات أساسية (مثل تقارير الوظائف والتضخم) التي يعتمد عليها في اتخاذ قراراته الحاسمة بشأن أسعار الفائدة. هذا النقص في المعلومات يزيد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين والمحللين، ويُعقد مهمة السياسة النقدية في وقت حرج. علاوة على ذلك، يثير استمرار هذا الشلل الشكوك حول قدرة واشنطن على إدارة شؤونها المالية، مما يُهدد بتآكل الثقة الدولية في الدولار الأمريكي كعملة احتياطية عالمية على المدى الطويل.


الجمود المتوقع: لماذا سيستمر الإغلاق لثلاثة أيام؟

تستند التوقعات بأن الجمود سيستمر لثلاثة أيام على الأقل إلى عاملين رئيسيين: تعقيد الإجراءات التشريعية وطبيعة التباعد الحزبي الحالي. يتطلب تمرير مشروع قانون للإنفاق توافقاً في كل من مجلس النواب (حيث يملك الجمهوريون أغلبية ضئيلة) ومجلس الشيوخ (حيث يحتاج أي تشريع إلى دعم واسع من الحزبين لكسر حاجز التعطيل). النزاع الحالي يتركز حول بنود إيديولوجية عميقة بدلاً من مجرد خلافات فنية، مما يجعل التنازل أمراً صعباً على كلا الطرفين دون خسارة سياسية داخلية.

بالنظر إلى أن الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ والجمهورية في مجلس النواب تتبادلان الاتهامات والمسؤولية عن الإغلاق، فإن المفاوضات الجادة قد لا تبدأ إلا بعد أن يبدأ الجمهور والموظفون بالشعور بالضغوط الفعلية، الأمر الذي يستغرق وقتاً. ولهذا، فإن عطلة نهاية الأسبوع القادمة مرشحة بقوة لاستمرار الإغلاق، مما يعني أن الموظفين لن يعودوا إلى عملهم قبل بداية الأسبوع التالي، ما لم تتدخل ضغوط الشارع والمجتمع لإجبار الكونغرس على إيجاد حل في اللحظة الأخيرة.