English EN

ذات صلة

جمع

معركة بغداد الكروية: الاتحاد يبحث عن أول انتصار آسيوي أمام صلابة الشرطة العراقي

تتجه أنظار عشاق كرة القدم الآسيوية والعربية مساء اليوم...

سانت خيلويزي ضد نيوكاسل يونايتد: صراع العودة الكبرى في معقل الأبطال

تاريخ كرة القدم الأوروبية يزخر بالصراعات الكلاسيكية، لكن في...

صراع الكبار: تحليل شامل لمواجهة برشلونة وباريس سان جيرمان الأخيرة

لطالما كانت مواجهات العملاق الكاتالوني ونظيره النادي الباريسي إحدى...

الكلاسيكو الآسيوي: الزوراء ضد النصر.. ملحمة كروية متجددة بين العراق والسعودية

تتجاوز مباريات كرة القدم أحيانًا مجرد المنافسة الرياضية لتتحول...

بيانات التوظيف عند أدنى مستوى منذ 2009: اقتصاديون يعتمدون على “البيانات البديلة” في ظل تعتيم الإغلاق الحكومي

شهد الاقتصاد الأمريكي مؤخراً تحولاً مقلقاً، حيث أظهر تقرير حديث أن خطط التوظيف السنوية في الولايات المتحدة بلغت أدنى مستوى لها منذ عام 2009، وهو العام الذي كان فيه الاقتصاد في خضم التعافي البطيء من الأزمة المالية العالمية الكبرى. هذا التباطؤ الحاد، الذي يراه الخبراء دليلاً على إرهاق سوق العمل والتحول نحو مسار نمو أبطأ، تزامن مع دخول الحكومة الفيدرالية في حالة إغلاق، مما أدى إلى تعتيم على تدفق البيانات الاقتصادية الرسمية. وفي ظل هذا الـ “بلاك آوت” المعلوماتي، اضطر الاقتصاديون وصناع السياسات إلى اللجوء بشكل متزايد إلى “البيانات البديلة” أو البيانات عالية التواتر في محاولة لتحديد المسار الحقيقي لأكبر اقتصاد في العالم، وخاصة قبل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الهام لتحديد أسعار الفائدة. بيانات التوظيف


الرقم الصادم: تراجع التوظيف إلى مستويات ما بعد الأزمة

أشارت التقارير الاقتصادية الصادرة حديثاً إلى أن إجمالي خطط التوظيف التي أعلنت عنها الشركات الأمريكية منذ بداية العام لم يتجاوز 204,939 وظيفة تقريباً. هذا الرقم ليس مجرد انخفاض طفيف، بل هو أدنى إجمالي سنوي يُسجل منذ عام 2009. ويؤكد هذا الانخفاض الدراماتيكي في وتيرة خلق الوظائف، حتى مع استمرار انخفاض معدلات البطالة، على أن سوق العمل قد تجاوز مرحلة الذروة بعد الجائحة.

تفسر هذه الأرقام المخاوف المتزايدة بشأن صحة الاقتصاد الكلية. ففي حين أن الأجور قد تظل مرتفعة، فإن تراجع التوظيف إلى هذا الحد يشير إلى أن الشركات أصبحت أكثر حذراً وتردداً في التوسع والتوظيف، مما يعكس توقعات بـ تباطؤ النمو أو حتى الانزلاق نحو الركود. كما أن مراجعات البيانات للأشهر السابقة التي خفضت آلاف الوظائف تؤكد على أن الضعف في سوق العمل كان أعمق مما ظهر في القراءات الأولية. بالنسبة للمستثمرين، تعني هذه البيانات أن الضغط سيتزايد على الاحتياطي الفيدرالي للتحرك نحو خفض أسعار الفائدة في وقت أقرب، بهدف تحفيز الاقتصاد المتباطئ.


تعتيم الإغلاق: غياب البيانات الرسمية الحيوية

زادت أزمة الإغلاق الحكومي الحالية من تعقيد المشهد بشكل كبير. مع تعليق تمويل الوكالات الفيدرالية، توقف مكتب إحصاءات العمل (BLS) عن العمليات الأساسية، مما أدى إلى تأجيل إصدار البيانات الاقتصادية الرئيسية. أهم هذه التقارير هو تقرير الوظائف الشهري، والذي يُعتبر بمثابة البوصلة التي يعتمد عليها البنك المركزي (الاحتياطي الفيدرالي) في رسم سياساته النقدية. بيانات التوظيف

الإغلاق يعني أن صناع السياسات والمستثمرين “يطيرون بشكل أعمى في بيئة ضبابية”، حسب وصف خبراء اقتصاديين. فإلى جانب تقرير الوظائف، تظل تقارير حيوية أخرى مهددة بالتأخير، مثل مؤشر أسعار المستهلك (CPI) الذي يقيس التضخم، وبيانات الناتج المحلي الإجمالي، ومبيعات التجزئة. إن غياب هذه المؤشرات الموثوقة يخلق علاوة عدم يقين كبيرة في الأسواق، مما يزيد من التقلبات ويجعل التنبؤ بقرارات الفيدرالي أمراً بالغ الصعوبة. وفي الإغلاقات السابقة، أدى التأخير في نشر البيانات إلى تزاحم الإصدارات بعد إعادة الفتح، مما أضعف الإشارة وزاد من مخاطر المراجعات اللاحقة.


البديل الرقمي: اقتصاديون يبحثون عن مؤشرات بديلة

في مواجهة هذا الشلل الإحصائي، تحوّل الاقتصاديون ومحللو الأسواق إلى “البيانات البديلة” (Alternative Data) للبحث عن أي مؤشرات يمكن الاعتماد عليها. هذه البيانات، التي تتميز بأنها عالية التواتر ولا تخضع للتمويل الحكومي، أصبحت هي المصدر الرئيسي لمعرفة ما يجري في سوق العمل والاقتصاد بشكل عام. بيانات التوظيف

تشمل أبرز هذه البيانات البديلة ما يلي:

  1. وظائف القطاع الخاص ADP: تقرير التوظيف الشهري الذي تصدره شركة الخدمات ADP، والذي يعطي قراءة سريعة وقريبة لتغيرات التوظيف في القطاع الخاص.
  2. طلبات إعانة البطالة: وهي بيانات تصدرها وزارة العمل بشكل أسبوعي، وتُظهر تحركات مفصلة للعمالة والمفصولين، مما يعطي إشارة مبكرة على اتجاه سوق العمل.
  3. بيانات البطاقات الائتمانية والمدفوعات: التي توفر رؤى دقيقة ومحدثة حول إنفاق المستهلكين، وهي مؤشر رئيسي لنمو الاقتصاد.
  4. مسوح الأعمال ومؤشرات مديري المشتريات (PMI): التي تُصدرها منظمات غير حكومية وتُظهر مستويات التوظيف والإنتاج في قطاعي الصناعة والخدمات.

يعتمد الاحتياطي الفيدرالي بشكل متزايد على هذه المصادر الخاصة والـ “شواهد الميدانية” لـ “معايرة” مسار الفائدة. وعلى الرغم من أن هذه المؤشرات لا تمتلك نفس دقة وشمولية البيانات الرسمية، إلا أنها توفر بوصلة ضرورية لتجنب اتخاذ قرارات سياسية نقدية في “الظلام”.


تحديات الاعتماد على البيانات البديلة

على الرغم من أهميتها في وقت الأزمة، يواجه الاعتماد على البيانات البديلة تحديات كبيرة. أولاً، عدم التكافؤ، حيث أن هذه البيانات قد لا تكون ممثلة لجميع القطاعات بنفس القدر. ثانياً، غياب المنهجية الموحدة، مما يجعل تفسيرها ومقارنتها بالبيانات التاريخية الرسمية أمراً صعباً. وثالثاً، قد يؤدي تزايد الاعتماد على المؤشرات الثانوية إلى تفاعلات مبالغ فيها في الأسواق، حيث يمكن لأي قراءة غير متوقعة في تقرير خاص أن تؤدي إلى تقلبات عنيفة في سعر الدولار أو عوائد السندات.

ومع استمرار الإغلاق، يخشى المحللون من أن جودة البيانات نفسها قد تتدهور، حيث أن تأجيل جمع البيانات الأساسية (مثل مسوحات الأسر والمنشآت) قد يجعل التغيّرات الشهرية أكثر تذبذباً حتى بعد استئناف العمل الحكومي. هذا الوضع يفرض تحدياً فريداً على كل من صانعي السياسات الذين يجب أن يتخذوا قرارات حاسمة بشأن الفائدة، والشركات التي تعتمد على هذه السلاسل الزمنية الرسمية في تخطيطها للتوظيف والاستثمار. بيانات التوظيف


الأسواق بين الصدمة واللامبالاة

من الغريب أن الأسهم الأمريكية أظهرت مرونة نسبية في مواجهة هذا التباطؤ في التوظيف وتعتيم البيانات. يرجع ذلك إلى أن المستثمرين يميلون إلى رؤية الضعف في سوق العمل كـ “خبر جيد”، لأنه يزيد من احتمالية قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة قريباً، وهو ما يُعتبر دعماً للأسواق المالية.

ومع ذلك، يظل الغموض مسيطراً على المدى الطويل. فإذا طال أمد الإغلاق، يمكن أن تتزايد التكاليف الاقتصادية وتتضاءل ثقة المستثمرين، مما قد يترجم في النهاية إلى تراجعات حادة. في الوقت الحالي، تشير التوقعات إلى أن الفيدرالي سيتبنى لغة أكثر حذراً، مؤكداً على “الاعتماد على البيانات” مع إعطاء وزن أكبر للمؤشرات غير الرسمية، بينما تبقى الأسواق في حالة من اليقظة القصوى لتفسير الإشارات المتباينة التي تصلها من الاقتصاد.